بقلم الأستاذ المصطفى المرابط.
كثيرا ما نقرأ في بعض المواقع والصفحات الإعلامية عن طلبات مساعدة لتلاميذ من ذوي الاحتياجات الخاصة تتعلق بتوفير كراسي متحركة أو ما شابه ذلك، والسؤال الذي يُطرح أمام المتتبع للشأن التعليمي وما يعرفه من إصلاحات ومستجدات آخرها ما جاء به القانون الإطار 51.17 والحالة هذه، هو: كيف تعاملت الإصلاحات الجارية في منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي التي يؤطرها اليوم القانون الإطار سالف الذكر، والتي جعلت من شعاراتها، الإنصاف وتكافؤ الفرص، والتمييز الإيجابي، والجودة للجميع، مع الأطفال في وضعية إعاقة؟
وبقراءة سريعة للقانون الإطار 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي نجد أن هذا الأخير قد أولى عناية بالغة بالأطفال في وضعية إعاقة، حيث أشار إلى هذه الفئة من المتعلمين في جميع أبوابه تقريبا، إما تصريحا، وإما تلميحا.
وهكذا، ورد في ديباجة القانون الإطار 51.17 أن جوهر هذا القانون يكمن في إرساء مدرسة جديدة مفتوحة أمام الجميع، تتوخى تأهيل الرأسمال البشري مستندة إلى ركيزتي المساواة وتكافؤ الفرص من جهة، والجودة للجميع من جهة اخرى، ولتحقيق الإنصاف وتكافؤ الفرص يستوجب الاستناد إلى مجموعة من الرافعات أهمها:
تعميم تعليم دامج وتضامني لفائدة جميع الأطفال دون تمييز، وتخويل تمييز إيجابي لفائدة الأطفال في المناطق القروية وشبه الحضرية، وضمان الحق في ولوج التعليم والتكوين لفائدة الأطفال في وضعية إعاقة أو في وضعيات خاصة، ومواصلة الجهود الهادفة إلى التصدي للهدر والانقطاع المدرسيين.
وفي الباب الأول المعنون ب”أحكام عامة” نجد في المادة الثانية منه أنه من المصطلحات، التي خصها القانون الإطار بالتحديد مصطلح “الأطفال في وضعيات خاصة” حيث عرفه على النحو الآتي: الأطفال المتخلى عنهم، أو في وضعية صعبة أو غير مستقرة أو في وضعية احتياج، المقيمون بمؤسسات الرعاية الاجتماعية، والأطفال المقيمون بالمراكز والمؤسسات المستقبلة للأحداث الجانحين، وأبناء الأجانب الوافدين الموجودين في وضعية صعبة.
كما نجد في ذات المادة مصطلح “الإنصاف وتكافؤ الفرص” الذي جاء تعريفه على هذا الشكل: هو ضمان الحق في الولوج المعمم إلى مؤسسات التربية والتعليم والتكوين عبر توفير مقعد بيداغوجي للجميع بنفس مواصفات الجودة والنجاعة دون أي شكل من أشكال التمييز.
وفي الباب الثاني المعنون ب”مبادئ منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي وأهدافها ووظائفها” وتحديدا في المادة الثالثة التي حصرت الأهداف الأساسية، التي تعمل المنظومة على تحقيقها نجد: محاربة الهدر المدرسي بكل الوسائل المتاحة، ونجد أيضا توسيع نطاق تطبيق أنظمة التغطية الاجتماعية لفائدة المتعلمين من ذوي الاحتياج قصد تمكينهم من الاستفادة من خدمات اجتماعية تساعدهم وتحفزهم على متابعة دراستهم في ظروف مناسبة.
في الباب الثالث المعنون ب”مكونات منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي وهياكلها” وتحديدا في المادة 13 نجد ما يلي: تلتزم مؤسسات التربية والتعليم والتكوين التابعة للقطاع الخاص، في إطار من التفاعل والتكامل مع باقي مكونات المنظومة، بمبادئ المرفق العمومي في تقديم خدماتها، والمساهمة في توفير التربية والتعليم والتكوين لأبناء الأسر المعوزة وللأشخاص في وضعية إعاقة وكذا الموجودين في وضعية خاصة.
أما في الباب الرابع المعنون ب”الولوج إلى منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي وآليات الاستفادة من خدماتها” وتحديدا في المادة 20 نجد أنه من التدابير التي يتعين على الدولة خلال أجل لا يتعدى 6 سنوات القيام بها من أجل تعميم التعليم الإلزامي لجميع الأطفال البالغين سن التمدرس: تعزيز الفضاءات الملائمة للتمدرس وتزويدها بالتجهيزات الضرورية بما فيها الولوجيات. كما نجد في المادة 21 من نفس الباب أنه من الخدمات الاجتماعية، التي يتعين على الدولة تمكين المتعلمين من الاسفادة منها وفق مبادئ الاستحقاق والشفافية وتكافؤ الفرص، خدمات الإيواء والإطعام بالنسبة للمتعلمين من ذوي الاحتياج.
وفي المادة 25 من نفس الباب والتي جاءت واضحة في تحديد مسؤولية الدولة في التكفل بهذه الفئة نجد: تعمل الدولة على تعبئة جميع الوسائل المتاحة، واتخاذ التدابير اللازمة لتيسير اندماج الأشخاص في وضعية إعاقة أو في وضعية خاصة في منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، وتمكينهم من حق التعلم واكتساب المهارات والكفايات الملائمة لوضعيتهم.
وفي الباب الخامس الذي عنوانه “المناهج والبرامج والتكوينات” وخاصة في المادة 35 نجد أنه في إطار التدابير التي ستقوم بها السلطات الحكومية المعنية خلال أجل لا يتعدى 3 سنوات من أجل مراجعة شاملة لنظام التقييم والامتحانات والإشهاد، تكييف أنظمة التقييم ولا سيما نظام الامتحانات والمراقبة المستمرة مع مختلف أصناف التعلمات، مع مراعاة ظروف وحالات المتعلمين في وضعية إعاقة أو الموجودين بالمراكز والمؤسسات المستقبلة للأحداث الجانحين أو الموجودين في وضعية اعتقال.
أما في الباب الثامن من القانون الإطار 51.17 الذي عنوانه “مجانية التعليم وتنويع مصادر تمويل منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي” نجد في المادة 45 منه: تضمن الدولة مجانية التعليم العمومي في جميع أسلاكه وتخصصاته وتعمل على تعبئة وضمان كل الإمكانات المتاحة لجعله في متناول كافة المواطنات والمواطنين على قدم المساواة.
لا يحرم أحد من متابعة الدراسة لأسباب مادية محضة، إذا ما استوفى الكفايات والمكتسبات اللازمة.
لهذا وتأسيسا على ما سبق ذكره أعتقد أنه ما من مسوغ لأن يلجأ التلاميذ ذوو الاحتياجات الخاصة لطلب مساعدات من عموم الناس، وأنه على الجهات المسؤولة الاضطلاع بأدوارها.
عرض التعليقات
موضوع رائع جداااااااااااا